الحيوانات والحشرات مصدر رئيسى للامراض الانتقالية

تعد الحيوانات والحشرات من بين أهم الوسائل التي تنتقل من خلالها الى الانسان، فهناك انواع مختلفة من الكائنات المجهرية التي تنتقل الى البشر عن طريق هذين المصدرين اللذين كانا السبب بتفشي الأوبئة على نطاق واسع في الكثير

من مناطق العالم وبوفاة مئات الآلاف من بني الانسان لا سيما في العصور التي سبقت مرحلة الاكتشافات العلمية والتطور في المجال الطبي التي شهدت التوصل الى ايجاد الامصال المضادة لتلك الأمراض المهددة لاستمرار عيش البشر على كوكب الارض، ولعل الامراض مثل الحمى الصفراء والملاريا وحمى الوادي المتصدع وداء الكلب من بين ابرز الاوبئة التي تنتقل الى الانسان عن طريق الوسائل المذكورة آنفا وتفتك بالمجتمعات البشرية بمختلف شرائحها وفئاتها في ذلك الوقت.
وعن الامراض التي تنتقل من الحيوان الى الانسان يتحدث الطبيب المتخصص في الامراض الانتقالية الدكتور عبدالامير البياتي عن ثلاثة منها وهي داء الكلب والحمى الصفراء وحمى الوادي المتصدع ويعرف الدكتور عبدالامير البياتي داء الكلب او السعار بانه مرض معد حاد ينتقل الى الانسان عن طريق الحيوانات التي تحمل فايروس المرض وغالبا ما يكون في الكلب والوطواط والحيونات الاخرى مثل الذئب فضلا عن الابقار والاغنام والخيول فيصيب الجهاز العصبي المركزي للانسان الذي ينتقل اليه المرض عن طريق العضة المباشرة وتعرض الجرح الناتج عن ذلك للعاب تلك الحيوانات، وهكذا يحافظ الفايروس على نفسه عن طريق وجوده الدائم في جسم الحيوان المصاب القادر على نقل الفايروس الى حيوان آخر سليم.
ويضيف الدكتور عبدالامير: ان الفايروس ينتقل من الجرح الملوث باللعاب المعدي خلال الاعصاب الحسية الى الجهاز العصبي المركزي اذ يتكاثر هناك ويمكن ان ينتشر خلال الاعصاب الطرفية الى الغدد اللعابية والانسجة الاخرى.
ويجمل اعراض المرض عند الانسان بارتفاع درجة حرارة الجسم والألم الشديد بمكان العضة وفرط الاحساس بها وصعوبة البلع وخاصة مع السوائل مع حدوث تشنجات في الحنجرة وعدم الشعور بالراحة والاسترخاء وحدوث الشد العضلي والتشنجات وعدم قيام العضلات بواجباتها ووظائفها وسيلان اللعاب وشعور المصاب بالقلق وتعرضه للشد العصبي وسهولة الاستثارة فضلا عن فقدان الاحساس في اي مكان بالجسم.
ويشير هنا الى ان من بين الاعراض اللافتة للنظر للشخص المصاب هي التهيج العصبي الهائل او الهستريا التي تظهر عليه من خلال الاصابة العصبية بالفكين حتى ان الانسان المصاب قد يعض الحديد ويكسر اسنانه. اما الكلاب المصابة فانه من المعروف انها تلتهم اشياء لا تأكلها عادة فنجد في معدة الكلاب النافقة قطعا مختلفة من المعادن والحجارة وغيرها من المواد الاخرى.
وعن علاج هذا المرض يؤكد الدكتورعبدالامير البياتي انه اذا تم اخذ المصل الواقي من الداء في غضون يومين من عضة الكلب فان ذلك سيجنب الشخص الاصابة بالسعار ولكن بمجرد ظهور الاعراض تكون النجاة فرصها قليلة والموت يكون بسبب فشل الجهاز التنفسي في غضون سبعة ايام منذ بداية الاعراض مشيرا الى ان اكثر الآليات فعالية للوقاية من المرض المذكور هي غسل الجرح او نقطة التعرض بالماء والصابون مع استخدام مادة مطهرة ثم وضع مادة الايثانول او اليود كما ينبغي اعطاء اللقاح المضاد، وفي حال تعرض البشر لحيوانات يشتبه في اصابتها بداء الكلب يجب اتخاذ اجراءات عاجلة من اجل تحديد تلك الحيوانات، او اسرها او قتلها لاخذ عينات نسيجية منها وارسالها الى المختبرات المتخصصة كي يتم فحصها لاغراض التشخيص، وهناك احتمال بعدم ظهور استجابة مناعية لدى المرضى الذين يعانون من كبت المناعة بعد تلقيحهم اللقاح المضاد، وعليه فان علاج الجروح على وجه السرعة وبالشكل المناسب عقب التعرض للعض يعد من الخطوات الاساسية في الوقاية من الوفاة بسبب المرض المذكور. اما عن الامراض الاخرى التي تصيب الانسان والحيوان على حد سواء فأهمها مرض حمى الوادي المتصدع ويعرف الدكتور عبدالامير البياتي الطبيب المتخصص في الامراض الانتقالية المرض بانه عبارة عن نوع من الحمى الحادة التي يسببها فايروس يصيب الحيوانات الأليفة مثل الابقار والجاموس والخراف والماعز والجمال كما يصيب البشر ايضا وهو ينتقل بواسطة البعوض اثناء سنوات المطر الكثيف او عند ازدياد نسبة الرطوبة وتعد مناطق شرقي وجنوبي افريقيا الموطن الأصلي للمرض وكان اول بلاغ عن الداء المذكور في كينيا العام (1900). ويؤثر فايروس حمى الوادي المتصدع في المواشي بصفة اولية ويمكن ان يتسبب في هلاك عدد كبير من الحيوانات الأليفة وظهور حمى الوادي بين البشر المعرضين للتعامل مع الحيوانات المريضة. وعن آلية انتقال الماشية بشكل وبائي يمكن ان يقود الى وباء بين المرض المذكور الى البشر، يقول الدكتور عبدالامير: ان الغالبية العظمى من العدوى تنجم عن التماس المباشر مع دم او اعضاء الحيوانات المصابة ويمكن ان ينتقل الفايروس للبشر عن طريق لمس انسجة الحيوانات اثناء الذبح او التقطيع او اثناء المساعدة في ولادة الحيوانات او اثناء القيام باجراءات بيطرية او نتيجة التخلص من جثث الحيوانات او أجنتها ولذلك تعد بعض الفئات المهنية مثل المربين او المزارعين او العاملين في المجازر من اكثر الفئات تعرضا للعدوى، ويصاب البشر بالفايروس عن طريق التلقيح وذلك من خلال جرح الجلد بسكين ملوثة او بملامسة جلد مصاب مشيرا الى ان بعض البيانات قد اكدت امكانية اصابة البشر بالعدوى بهذه الحمى عن طريق شرب اللبن من الحيوانات المصابة وقد تنجم العدوى ايضا عن لدغات البعوض ومن الممكن ايضا ان ينتقل فايروس الحمى عن طريق الذباب الماص للدم إلا انه لم توثق حتى الآن اية حالة انتقال لحمى الوادي المتصدع من البشر الى البشر ولم يبلغ عن انتقال هذه الحمى الى العاملين بالرعاية الصحية عند اتخاذ الاحتياطات العادية لمكافحة العدوى. وعن اعراض مرض حمى الوادي المتصدع يقول: ان هناك شكلين لاعراض المرض، فالمصابون يعانون من حمى شبيهة بالانفلونزا وآلام في المفاصل وصداع كما يعاني بعض المرضى من تيبس في الرقبة والحساسية للضوء وفقدان الشهية والتقيؤ وفي المراحل المبكرة للمرض قد يظن ان هؤلاء المرضى مصابون بالتهاب السحايا. وعادة ما تستمر اعراض حمى الوادي المتصدع مدة اربعة الى سبعة ايام تبدأ بعدها الاستجابة المناعية نتيجة لظهور الاضداد ويختفي الفايروس تدريجيا من الدم. اما الشكل الثاني للمرض فتتلخص اعراضه في اصابة العين او التهاب السحايا والدماغ او حمى نزفية اما المرض العيني ففي هذا الشكل من المرض تلاحظ الاعراض الشائعة المقترنة بالشكل الخفيف من المرض اذ تظهر الاعراض بعد اسبوع الى ثلاثة اسابيع من ظهور اول اعراض المرض وعادة ما يعاني المرضى من نقص في الرؤية وقد يختفي المرض من تلقاء نفسه دون ترك تأثيرات جانبية، ومع ذلك فان 50 بالمائة من المصابين قد يصابون بفقدان الرؤية المستديمة. اما التهاب السحايا فهذا يظهر بعد اسبوع الى اربعة اسابيع من ظهور اول اعراض الحمى وتشمل هذه الاعراض السمات السريرية للصداع الشديد وفقدان الذاكرة والهلوسة واختلاط الذهن والغيبوبة وقد تظهر مضاعفات عصبية، اما مرضى الحمى النزفية فتظهر اعراض هذا الشكل من المرض بعد يومين الى اربعة ايام من بداية الداء الذي يتسبب في اختلال عمل الكبد مثل اليرقان ويعقب ذلك ظهور علامات على النزف مثل تقيؤ الدم ووجود الدم في البراز والطفح والنزف من الأنف او اللثة وغزارة الطمث والنزف من موقع سحب الدم من الوريد وتصل معدلات حدوث حالات الظ
وفاة بين المرضى الى زهاء 50 بالمائة وتحدث حالات الوفاة عادة بعد ثلاثة الى ستة ايام من بداية ظهور الاعراض ويمكن اكتشاف الفايروس في الدم لمدة تصل الى عشرة ايام في حالة المرضى المصابين بالشكل اليرقاني النزفي لحمى الوادي المتصدع وقد يتفاوت معدل حالات الوفاة بشكل ملحوظ من حالة الى اخرى ولكن في العموم تحدث معظم الوفيات بين المرضى المصابين بالشكل اليرقاني.
وعن تشخيص ومعالجة مرض حمى الوادي المتصدع فان الدكتور عبدالامير يجد ان معظم الحالات البشرية لحمى الوادي المتصدع خفيفة نسبيا وقصيرة المدة لا يحتاج فيها المرضى الى معالجة معينة اما في الحالات المتقدمة فتعد المعالجة الشائعة معالجة داعمة عامة وقد تم تطوير لقاح معطل للاستخدام البشري غير ان هذا اللقاح غير مرخص على النطاق التجاري اذ استخدم هذا اللقاح في المختبر لحماية العاملين في المجال البيطري المعرضين بشدة لمخاطر العدوى بالحمى وهناك لقاحات اخرى قيد البحث ويشير في هذا الاطار الى انه يمكن لحمى الوادي المتصدع ان تصيب انواعا عديدة من الحيوانات لا سيما حيوانات المزارع بما فيها الابل والغنم والماعز وتعد الاغنام اكثر استعدادا للاصابة من الماعز والابل. وقد تبين ان العمر عامل مهم في حساسية الحيوان للاصابة بالشكل الوخيم للمرض اذ ينفق اكثرمن تسعين بالمائة من الخراف الصغيرة بحمى الوادي المتصدع في حين تقل هذه النسبة بين الخراف البالغة الى 10 بالمائة، اما عن المرض الآخر والذي ينتقل عن طريق البعوض الى الانسان فهو مرض الحمى الصفراء اذ يعرف الدكتور عبدالامير البياتي المرض المذكور بانه مرض فايروسي ينتقل بواسطة البعوض اذ يقوم الفايروس بتدمير الكثير من انسجة الجسم لا سيما الكبد والكليتين فينخفض الادرار وعدم تأدية الكبد لوظائفه كما ينبغي فتتجمع اصباغ الصفراء في الجلد وكل ذلك نتيجة ضرر هذا المايكروب وتجعل هذه الاصباغ لون الجلد يميل الى الاصفرار ومن هنا جاء اسم المرض.
ويشير بهذا الصدد الى مسببات المرض اذ يؤكد ان الحمى الصفراء تحدث نتيجة حمل البعوضة في معظم الحالات ميكروب الحمى الذي ينتقل من شخص الى آخر وعندما تلدغ البعوضة شخصا او حيوانا مصابا يدخل المايكروب الى الجسم اذ ينمو بسرعة وتستطيع لدغة البعوضة بعد مرور مدة تتراوح بين تسعة واثني عشر يوما احداث الحمى الصفراء كما تستطيع البعوضة الحاملة للعدوى بالفايروس او المايكروب نقل المرض فيما تبقى من حياتها. وعن اعراض المرض يقول الدكتور عبدالامير ان المرحلة الاولى للحمى الصفراء تبدأ عقب اصابة الشخص بلدغة البعوضة بفترة زمنية تتراوح بين ثلاثة وستة ايام ويشعر المريض بالحمى والصداع والدوار والامساك والشعور بألم مستمر وثابت بالعضلات ولا يتقدم المرض لدى الكثيرين الى ابعد من ذلك وتتراجع الحمى لدى آخرين ليوم او يومين ثم ترتفع بطريقة حادة ثم يتغير لون الجلد الى الاصفرار وتنزف لثة المريض وجدار المعدة ويشفى الكثير من المرضى في هذه المرحلة ويصاب البعض بالهذيان والغيبوبة ويتبع الغيبوبة الموت في معظم الاحوال ويتعرض مرضى الحمى الصفراء الى الموت بنسبة اثنين الى خمسة من جميع الحالات بالرغم من ان الرقم قد يرتفع او ينخفض اثناء الوباء ويحصل المرضى الذين يبرؤون من هذا المرض مناعة طويلة الامد ضد هذا الداء ويشير الدكتور عبدالامير البياتي الى ان اكثر المناطق انتشارا لهذا المرض فيما مضى هي مناطق وسط اميركا واجزاء من جنوبي اميركا وبعض الجزر الاستوائية ويستمر تفشي الوباء بطريقة عرضية في مناطق الغابات لا سيما في اميركا الجنوبية مؤكدا انه تمت السيطرة على المرض المذكور في تلك المناطق بعد اكتشاف اللقاح العام 1937. اما عن طرق الوقاية والعلاج لهذا المرض فيقول: انه تم اكتشاف لقاح يعطي فعالية ضد مرض الحمى الصفراء لمدة عشر سنوات او اكثر كما ان اجراءات القضاء على البعوض المسبب للمرض ضرورية في المناطق الموبوءة بالحمى الصفراء. وعن العلاج يؤكد انه لا يوجد علاج محدد للحمى الصفراء اذ يتم التعامل مع الاعراض كاعطاء مسكنات الألم والأدوية الخافضة للحرارة كما تستدعي بعض الحالات الى اعطاء السوائل عن طريق الوريد او حتى نقل الدم الى المريض اما عند اصابة الكلية بالفشل الوظيفي فان المريض يحتاج الى اجراء عملية الديلزة وعموما فان المريض المصاب بالحمى الصفراء يحتاج الى راحة تامة وهواء نقي وتناول كميات كافية من السوائل.